
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
عنه، وتغليطِه هو على (1) النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ويُشبِه أنَّ ابن عمر قال له: «أفرد الحجَّ» فظنَّ أنَّه قال: «لبَّى بالحجِّ»، فإنَّ إفراد الحجِّ كانوا يطلقونه ويريدون به إفراد أعمال الحجِّ، وذلك ردٌّ منهم على من قال: إنَّه قرن قرانًا طاف فيه طوافين وسعى فيه سعيين، وعلى من يقول: إنَّه أحلَّ (2) من إحرامه. فرواية من روى من الصَّحابة أنَّه أفرد الحجَّ تردُّ على هؤلاء.
يبيِّن هذا ما رواه مسلم في «صحيحه» (3) عن نافع عن ابن عمر قال: أهللنا (4) مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجِّ مفردًا، وفي روايةٍ «أهلَّ بالحجِّ مفردًا». فهذه الرِّواية إذا قيل: إنَّ مقصودها أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أهلَّ بحجٍّ مفردٍ (5)، قيل: فقد ثبت بإسنادٍ أصحَّ من ذلك عن ابن عمر أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تمتَّع بالعمرة إلى الحجِّ، وأنَّه بدأ فأهلَّ بالعمرة ثمَّ أهلَّ بالحجِّ، وهذا من رواية الزُّهريِّ عن سالم عن ابن عمر. وما عارض هذا عن ابن عمر: إمَّا أن يكون غلطًا (6) عليه، وإمَّا أن يكون مقصوده موافقًا له، وإمَّا أن يكون ابن عمر لمَّا علم أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يحلَّ ظنَّ أنَّه أفرد، كما وهم في قوله: «إنَّه اعتمر في رجبٍ»، وكان ذلك نسيانًا منه، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا لم يحلَّ من إحرامه ــ وكان هذا حالَ المفرد (7) ــ ظنَّ أنَّه أفرد.