زاد المعاد في هدي خير العباد ج2

زاد المعاد في هدي خير العباد ج2

10313 5

زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]

تحقيق: محمد عزير شمس

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 550

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

إحرامه لكان أحرم بعمرةٍ ولم يَسُقِ الهدي، لأنَّ الذي استدبره هو الذي فعلَه ومضى فصار خلفه، والَّذي استقبله هو الذي لم يفعله بعدُ، بل هو أمامه، فبيَّن أنَّه لو كان مستقبلًا لما استدبره ــ وهو الإحرام ــ لأحرم (1) بالعمرة دون هديٍ، ومعلومٌ أنَّه لا يختار أن ينتقل عن الأفضل إلى المفضول، بل إنَّما يختار الأفضل، وهذا يدلُّ على أنَّ آخر الأمرينِ منه ترجيح التَّمتُّع.
ولمن رجَّح القِران مع السَّوق أن يقول: هو - صلى الله عليه وسلم - لم يقل هذا لأجل أنَّ الذي فعله مفضولٌ مرجوحٌ، بل لأنَّ أصحابه شقَّ عليهم أن يحلُّوا من إحرامهم مع بقائه هو محرمًا، فكان يختار موافقتهم ليفعلوا ما أُمِروا به مع انشراحٍ ومحبَّةٍ وقبولٍ. وقد ينتقل عن الأفضل إلى المفضول لما فيه من الموافقة وائتلاف القلوب، كما قال لعائشة: «لولا أنَّ قومكِ حديثو عهدٍ بجاهليَّةٍ لنقضتُ الكعبة وجعلتُ لها بابين» (2)، فهنا (3) ترك ما هو الأولى لأجل الموافقة والتَّأليف، فصار هذا هو الأولى في هذه الحال، فكذلك اختياره للمتعة بلا هديٍ. وفي هذا جمعٌ بين ما فعله وبين ما ودَّه وتمنَّاه، ويكون الله سبحانه قد جمع له بين الأمرين: أحدهما بفعله له، والآخر بتمنِّيه ووِداده له، فأعطاه أجر ما فعله، وأجرَ ما نواه من الموافقة وتمنَّاه. وكيف يكون نسكٌ يتخلَّله التَّحلُّل لم يَسُقْ فيه الهدي أفضلَ من نسكٍ (4) لم يتخلَّله تحلُّلٌ، وقد ساق فيه مائة بدنةٍ؟ وكيف يكون نسكٌ أفضلَ في حقِّه من نسكٍ

الصفحة

176/ 550

مرحباً بك !
مرحبا بك !