
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وكذلك قال أنس وابن عبَّاسٍ: إنَّ عُمَره كلَّها كانت في ذي القعدة، وهذا هو الصَّواب (1).
فصل وأمَّا من قال: اعتمر في شوَّالٍ، فعذره ما رواه مالك في «الموطَّأ» (2) عن هشام بن عروة عن أبيه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعتمر إلا ثلاثًا، إحداهنَّ في شوَّالٍ واثنتين في ذي القعدة.
ولكنَّ هذا الحديث مرسلٌ، وهو غلطٌ أيضًا، إمَّا من هشام وإمَّا من عروة، أصابه فيه ما أصاب ابنَ عمر. وقد رواه أبو داود (3) مرفوعًا عن عائشة، وهو غلطٌ أيضًا لا يصحُّ رفعه. قال ابن عبد البرِّ (4): وليس روايته مسندًا ممَّا يذكر عن مالك في صحَّة النَّقل.
قلت: ويدلُّ على بطلانه عن عائشة أنَّ عائشة وابن عبَّاسٍ وأنس بن مالكٍ قالوا: لم يعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في ذي القعدة. وهذا هو الصَّواب، فإنَّ عمرة الحديبية والقضيَّة كانتا في ذي القعدة، وعمرة القِران إنَّما كانت في ذي القعدة، وعمرة الجِعرانة أيضًا كانت في أوَّل ذي القعدة، وإنَّما وقع