زاد المعاد في هدي خير العباد ج2

زاد المعاد في هدي خير العباد ج2

18080 7

زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]

تحقيق: محمد عزير شمس

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 550

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

من مشقَّة السَّفر، ولأنَّ المصلحة الحاصلة بالفطر للمجاهد أعظم من المصلحة بفطر المسافر، ولأنَّ الله تعالى قال: {يُعْجِزُونَ (59) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [الأنفال: 60]. والفطر عند اللِّقاء من أعظم أسباب القوَّة، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فسَّر القوَّة بالرَّمي (1)، وهو لا يتمُّ ولا يحصل به مقصوده إلا بما يقوِّي ويُعِين عليه من الفطر والغذاء. ولأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال للصَّحابة لمَّا دَنَوا من عدوِّهم: «إنَّكم قد دنوتم من عدوِّكم، والفطر أقوى لكم»، وكانت رخصةً، ثمَّ نزلوا منزلًا آخر فقال: «إنَّكم مُصبِّحو عدوِّكم، والفطر أقوى لكم فأفطِروا» وكانت عزيمةً (2). فعلَّل بدنوِّهم من عدوِّهم واحتياجهم إلى القوَّة الَّتي يَلقَون بها العدوَّ.
وهذا سببٌ آخر غير السَّفر، والسَّفر مستقلٌّ بنفسه، ولم يذكره في تعليله ولا أشار إليه، فالتَّعليل به اعتبارٌ لما ألغاه الشَّارع في هذا الفطر الخاصِّ، وإلغاء وصف القوَّة الَّتي يقاوم بها العدوُّ، واعتبار السَّفر المجرَّد إلغاءٌ لما اعتبره الشَّارع وعلَّل به.
وبالجملة فتنبيه الشَّارع وحكمته يقتضي أنَّ الفطر لأجل الجهاد أولى منه لمجرَّد السَّفر، فكيف وقد أشار إلى العلَّة ونبَّه عليها وصرَّح بحكمها، وعزم عليهم بأن يفطروا لأجلها. ويدلُّ عليه ما رواه عيسى بن يونس، عن شعبة، عن عمرو بن دينارٍ، قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه يوم فتح مكَّة: «إنَّه يوم قتالٍ فأفْطِروا» تابعه سعيد بن الرَّبيع، عن شعبة (3). فعلَّل بالقتال ورتَّب عليه الأمر بالفطر بحرف الفاء، وكلُّ أحدٍ يفهم

الصفحة

68/ 550

مرحباً بك !
مرحبا بك !