زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل والطَّائفة الثَّالثة الذين قالوا: أخَّر طواف الزِّيارة إلى اللَّيل، وهم طاوسٌ ومجاهد وعروة. ففي سنن أبي داود والنَّسائيِّ وابن ماجه (1) من حديث أبي الزبير المكيِّ عن عائشة وجابر (2): أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أخَّر طوافَ يوم النَّحر إلى اللَّيل. وفي لفظٍ: «طواف الزِّيارة». قال الترمذي: حديثٌ حسنٌ.
وهذا الحديث غلطٌ بيِّنٌ، خلافُ المعلوم من فعله - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يشكُّ فيه أهل العلم بحجَّته - صلى الله عليه وسلم -، ونحن نذكر كلام النَّاس فيه: قال الترمذي في كتاب «العلل» (3) له: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث وقلت له: سمع أبو الزبير من عائشة وابن عبَّاسٍ؟ قال: أمَّا من (4) ابن عبَّاسٍ فنعم، وإنّ في سماعه من عائشة نظرًا.
وقال أبو الحسن بن القطَّان (5): عندي أنَّ هذا الحديث ليس بصحيحٍ، إنَّما طاف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ نهارًا، وإنَّما اختلفوا: هل صلَّى الظُّهر بمكَّة أو رجع إلى منًى، فصلَّى بها بعد أن فرغ من طوافه؟ فابن عمر يقول: إنَّه رجع