
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
حجَّةً على من عَلِم وذكَر وأخبر، فكيف وقد وافق هؤلاء الجِلَّة عن عائشة؟ فسقطَ التَّعلُّق بحديث أبي الأسود ويحيى اللَّذين (1) ذكرنا.
قال (2): وأيضًا، فإنَّ حديثَي أبي الأسود ويحيى موقوفان غيرُ مسندين؛ لأنَّهما إنَّما ذكرا عنها فِعْلَ من فَعل ما ذكرَتْ، دون أن يذكرا أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن لا يحلُّوا، ولا حجَّةَ في أحدٍ دون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلو صحَّ ما ذكراه، وقد صحَّ أمر النِّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَن لا هديَ معه بالفسخ، فتمادى المأمورون بذلك ولم يحلُّوا، لكانوا عصاةً لله، وقد أعاذهم الله من ذلك وبرَّأهم منه، فثبت يقينًا أنَّ حديث أبي الأسود ويحيى إنَّما عُنِي فيه من كان معه هديٌ. وهكذا جاءت الأحاديث الصِّحاح الَّتي أوردناها (3) بأنَّه - صلى الله عليه وسلم - أمر من معه الهدي بأن يجمع حجًّا مع العمرة، ثمَّ لا يحلَّ حتَّى يحلَّ منهما جميعًا.
ثمَّ ساق (4) من طريق مالك عن ابن شهابٍ عن عروة عنها ترفعه: «من كان معه هديٌ فليُهلِل بالحجِّ والعمرة، ثمَّ لا يحلَّ حتَّى يحلَّ منهما جميعًا». قال: فهذا الحديث كما ترى من طريق عروة عن عائشة يبيِّن ما ذكرنا أنَّه المراد بلا شكٍّ في حديث أبي الأسود عن عروة، وحديثِ يحيى عن عائشة، وارتفع الآن الإشكالُ جملةً، والحمد لله ربِّ العالمين.
قال (5): وممَّا يبيِّن أنَّ في حديث أبي الأسود حذفًا قولُه فيه: «عن عروة