
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 550
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يبدؤون بشيءٍ حين يضعون أقدامهم أوَّلَ من الطَّواف بالبيت ثمَّ لا يحلُّون. وقد رأيت أمِّي (1) وخالتي حين تَقدَمانِ لا تبدآنِ بشيءٍ أوَّلَ من البيت، تطوفان به، ثمَّ لا تَحلَّانِ. وقد أخبرتني أمِّي أنَّها أقبلتْ (2) هي وأختها والزبير وفلانٌ وفلانٌ بعمرةٍ قط (3)، فلمَّا مسحوا الرُّكن حلُّوا.
وفي «سنن أبي داود» (4): ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حمَّاد بن سلمة ووُهَيب بن خالدٍ، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موافين لهلال ذي الحجَّة، فلمَّا كان بذي الحليفة قال: «من شاء أن يُهِلَّ بحجٍّ فليفعلْ (5)، ومن شاء أن يهلَّ بعمرةٍ فليهلَّ (6)». ثمَّ انفرد حماد (7) في حديثه بأن قال عنه - صلى الله عليه وسلم -: «فإنِّي لولا أنِّي أهديتُ لأهللتُ بعمرةٍ». وقال الآخر (8): «وأمَّا أنا فأهلُّ بالحجِّ». فصحَّ بمجموع الرِّوايتين أنَّه أهلَّ بالحجِّ مفردًا.
وأرباب هذا القول عذرهم ظاهرٌ كما ترى، ولكن ما عذرهم في حكمه وخبره الذي حكم به على نفسه، وأخبر عنها بقوله: «سُقتُ الهديَ