زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 683
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30) زاد المعاد في هدي خير العباد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وأما نبيُّ التوبة، فهو الذي فتح الله به بابَ التوبة على أهل الأرض، فتاب الله به عليهم توبةً لم يحصل مثلها لأهل الأرض قبله. وكان - صلى الله عليه وسلم - أكثر الخلق استغفارًا وتوبةً، حتى كانوا يعُدُّون (1) له في المجلس الواحد مائة مرة: «ربِّ اغفر لي، وتُبْ عليَّ، إنك أنت التواب الغفور» (2). وكان يقول: «يا أيها الناس توبوا إلى ربِّكم، فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة» (3).
وكذلك توبة أمته أكمل من توبة سائر الأمم، وأسرع قبولًا، وأسهل تناولًا. وكانت توبة من قبلهم من أصعب الأشياء، حتى كان من توبة بني إسرائيل من عبادة العجل قتلُ نفوسهم. وأما هذه الأمة فلكرامتها على الله جعل توبتها الندم والإقلاع.
وأما نبيُّ الملحمة، فهو الذي بُعِث بجهاد أعداء الله، فلم يجاهد نبيٌّ وأمتُه قطُّ ما جاهد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأمته (4). والملاحم الكبار التي وقعت وتقع بين أمته وبين الكفار لم يُعهَد مثلُها قبله، فإن أمته يقتلون الكفار في أقطار الأرض على تعاقب الأعصار، وأوقعوا بهم من الملاحم ما لم تفعله أمة سواهم.
وأما نبيُّ الرحمة، فهو الذي أرسله الله رحمةً للعالمين، فرحم به أهلَ