زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 683
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30) زاد المعاد في هدي خير العباد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
يأتي بيتَ المقدس فرمَى بالكتاب البساطَ، وتنحَّى. فنادى قيصرُ: مَن صاحبُ الكتاب؟ فهو آمن. قال: أنا. قال: فإذا قَدِمتُ فأتِني، فلما قدِم أتاه، فأمَر قيصرُ بأبواب قصره، فغُلِّقَتْ، ثم أمر مناديَه، فنادى: ألا، إن قيصر اتَّبعَ محمدًا، وترك النصرانية. فأقبل جندُه، وقد تسلَّحوا. فقال لرسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد ترى أني خائفٌ على مملكتي. ثم أمرَ مناديه فنادى: ألا، إن قيصر قد رضي عنكم. وكتب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني مسلم؛ وبعَث إليه بدنانير. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كذب عدوُّ الله، ليس بمسلم، وهو على النصرانية»، وقسَم الدنانيرَ.
وبعث عبدَ الله بن حُذافة السَّهمي إلى كِسْرى، واسمه أَبْرَوِيز بن هُرْمُز بن أنُوشَروان، فمزَّق كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم مزِّق ملكَه». فمزَّق الله ملكَه (1) وملكَ قومه (2).
وبعث حاطبَ بن أبي بَلْتَعة إلى المُقَوقِس (3)، واسمه جُرَيج بن مِيناء ملك إسكندرية (4) عظيم القبط. فقال خيرًا، وقاربَ الأمرَ، ولم يُسلِم. وأهدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - مارية وأختيها سِيرين وقيسَر (5)، فتسرَّى بمارية، ووهب سِيرين لحسان بن ثابت (6). وأهدى له جاريةً أخرى، وألف مثقال ذهبًا،