زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 683
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30) زاد المعاد في هدي خير العباد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
والصفات القائمة بها. وهذه الأقاويل (1) وأمثالها من الجنايات التي جناها المتكلمون على الشريعة ونسبوها إليها وهي بريئة منها. وليس معهم أكثر من اشتراك الذوات في أمرٍ عامٍّ، وذلك لا يوجب تساويها في الحقيقة؛ لأن المختلفات قد تشترك في أمرٍ عامٍّ مع اختلافها في صفاتها النفسية.
وما سوَّى الله بين ذات المسك وذات البول أبدًا، ولا بين ذات الماء وذات النار أبدًا. والتفاوتُ الذي بين الأماكن الشريفة وأضدادها والذوات الفاضلة وأضدادها أعظمُ من هذا التفاوت بكثير. فبين ذات موسى وفرعون (2) من التفاوت أعظم مما بين ذات المسك والرجيع. وكذلك التفاوت بين نفس الكعبة وبين بيت الشيطان (3) أعظم من هذا التفاوت (4) بكثير. فكيف تُجعَل البقعتان (5) سواءً في الحقيقة والتفضيل باعتبار ما يقع هناك من العبادات والأذكار والدعوات؟! ولم نقصد استيفاء الردِّ على هذا المذهب المردود المرذول، وإنما قصدنا تصويره، وإلى اللبيب العاقل التحاكم، ولا يعبأ الله وعباده بغيره شيئًا. والله سبحانه لا يخصِّص شيئًا ولا يفضِّله ويرجِّحه إلا لمعنًى يقتضي