
زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 683
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30) زاد المعاد في هدي خير العباد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
حَتْم؛ وإنما الخيرة في قول غيره إذا خفي أمره، وكان ذلك الغير من أهل العلم به وبسنته، فبهذه الشروط يكون قول غيره سائغ الاتباع، لا واجب الاتباع. فلا يجب على أحد اتباع قول أحد سواه، بل غايته أنه يسوغ له اتباعه، ولو ترك الأخذ بقوله لم يكن عاصيًا لله ورسوله.
فأين هذا ممن يجب على جميع المكلَّفين اتباعُه، ويحرم عليهم مخالفتُه، ويجب عليهم تركُ كلِّ قولٍ لقوله؛ فلا حكم لأحد معه، ولا قول لأحد معه، كما لا تشريع لأحد معه؟ وكلُّ من سواه، فإنما يجب اتباعه على قوله إذا أمر بما أمر به، ونهى عما نهى عنه، فكان مبلِّغًا محضًا، ومخبرًا لا منشئًا ومؤسِّسًا. فمن أنشأ أقوالًا وأسَّس قواعد بحسب فهمه وتأويله لم يجب على الأمة اتباعها، ولا التحاكم إليها حتى تُعرَض على ما جاء به (1)، فإن طابقته ووافقته وشهد لها بالصحة قُبِلت حينئذ، وإن خالفته وجب ردُّها واطِّراحُها. وإن لم يتبين فيها أحد الأمرين جُعلت موقوفةً، وكان أحسن أحوالها أن يجوز الحكم والإفتاء بها وتركه، وأما أن (2) يجب ويتعيَّن فكلَّا ولمَّا (3)!