زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 683
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30) زاد المعاد في هدي خير العباد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فصل ولم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - تغميض عينيه في الصلاة. وقد تقدَّم أنه كان في التشهُّد يرمي (1) ببصره إلى إصبعه في الدعاء، ولا يجاوز ببصره إشارته.
وذكر البخاري في «صحيحه» (2) عن أنس قال: كان قِرَامٌ (3) لعائشة، سترت به جانبَ بيتها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أميطي عنَّا قِرامَكِ هذا، فإنه لا تزال تصاويره تعرِض في صلاتي». ولو كان يغمِّض عينيه، لما عرضت له في صلاته. وفي الاستدلال بهذا الحديث نظرٌ، لأن الذي كان يعرض له في صلاته: هل هو تذكُّرُ (4) تلك التصاوير بعد رؤيتها، أو نفسُ رؤيتها؟ هذا محتمل (5).
وأبين دلالةً منه حديث عائشة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى في خميصة لها أعلامٌ، فنظر إلى أعلامها نظرةً، فلما انصرف قال: «اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جَهْم، وَأْتُوني بأنبجَانيَّته (6)، فإنها أَلْهَتْني آنفًا عن صلاتي» (7). وفي الاستدلال به أيضًا ما فيه، إذ غايته أنه حانت منه التفاتةٌ إليها، فشغلته بتلك الالتفاتة.
ولا يدل حديث التفاته إلى الشِّعْب لما أرسل الفارس إليه طليعةً، لأن