زاد المعاد في هدي خير العباد ج1

زاد المعاد في هدي خير العباد ج1

9975 23

زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 683

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30) زاد المعاد في هدي خير العباد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 157

الآية بيَّن فيها انفراده بالخلق والاختيار، وأنه سبحانه أعلم بمواقع اختياره، كما قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ} (1) [الأنعام: 124]، أي: الله أعلم بالمحلِّ الذي يصلح لاصطفائه وكرامته وتخصيصه بالرسالة والنبوة دون غيره.
الرابع: أنه نزه نفسه سبحانه عما اقتضاه شركهم من اقتراحهم واختيارهم فقال: {مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص: 68] ولم يكن شركهم مقتضيًا لإثبات خالق سواه حتى ينزِّهَ (2) نفسه عنه، فتأمله فإنه في غاية اللطف.
الخامس: أن هذا نظير قوله في الحج: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}، ثم قال: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ} [الآيات: 73 - 76]. وهذا نظير قوله في القصص: {وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ} [الآية: 69]، ونظير قوله في الأنعام: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَاتِهِ} [آية: 124] فأخبر في ذلك كلِّه عن علمه المتضمن لتخصيصه محالَّ اختياره بما خصصها به، لعلمه بأنها تصلح له دون غيرها. فتدبَّر السياق في هذه الآيات تجده منتظِمًا لهذا المعنى، دائرًا عليه، والله أعلم.

الصفحة

16/ 683

مرحباً بك !
مرحبا بك !