زاد المعاد في هدي خير العباد - المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثالثة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 683
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (30) زاد المعاد في هدي خير العباد تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
إذا وضعتَ الطَّهورَ مواضعه قمتَ مغفورًا لك. فإن قمت تصلِّي كانت لك فضيلةً وأجرًا. فقال له رجلٌ: يا أبا أمامة، أرأيت إن قام يصلِّي تكون له نافلةً؟ قال: لا، إنما النافلة للنبي - صلى الله عليه وسلم -. كيف تكون له نافلةً، وهو يسعى في الذنوب والخطايا؟ تكون له فضيلةً وأجرًا.
قلت: والمقصود أن النافلة في الآية، لم يُرد بها ما يجوز فعله وتركه كالمستحَبِّ والمندوب، وإنما المراد بها الزيادة في الدرجات، وهذا قدرٌ مشتركٌ بين الفرض والمستحَبِّ، فلا يكون قوله: {نَافِلَةً لَكَ} نافيًا لما دلَّ عليه الأمر من الوجوب. وسيأتي مزيد بيان لهذه المسألة إن شاء الله عند ذكر خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم -.
ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - يدَع قيام الليل حضرًا ولا سفرًا. وكان إذا غلبه نومٌ أو وجعٌ صلَّى من النهار ثنتي عشرة ركعةً (1). فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: في هذا دليلٌ على أن الوتر لا يُقضى لفوات محلِّه، فهو كتحيَّة المسجد وصلاة الكسوف والاستسقاء ونحوها، لأنَّ المقصود به أن يكون آخر صلاة الليل وترًا، كما أن المغرب آخر صلاة النهار. فإذا انقضى الليل وصليت الصبح، لم يقع الوتر موقعه. هذا معنى كلامه (2).