طريق الهجرتين وباب السعادتين

طريق الهجرتين وباب السعادتين

12056 2

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]

حققه: محمد أجمل الإصلاحي

خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري

راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)

عدد الصفحات :956

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]





مشاركة

فهرس الموضوعات

في علل المقامات سمّاه "محاسن المجالس". وقد نشره المستشرق الإسباني آسين بلاسيوس في باريس 1933 م. وعن هذه النشرة أعاد نشره نهاد خياطة في مجلة المورد العراقية (المجلد 19 العدد 4 سنة 1980) وجاء النص فيها في 25 صفحة. فهو كتاب لطيف. وقد ذكر شيخ الإسلام أنه اعتمد فيه على كتاب "علل المقامات" للشيخ الهروي، فقال في كلام له على التوكل: "فقد تبيّن أنّ من ظنّ التوكل من مقامات عامّة أهل الطريق فقد غلط غلطًا شديدًا، وإن كان من أعيان المشايخ كصاحب "علل المقامات"، وهو من أجل المشايخ. وأخذ ذلك عنه صاحب "محاسن المجالس"" (1).

ويؤكد ذلك المقارنة بين محاسن المجالس ومنازل السائرين. ونذكر هنا مثالًا واحدًا من فصل الرجاء. قال صاحب المنازل: "الرجاء أضعف منازل المريدين، لأنه معارضة من وجه، واعتراض من وجه. وهو وقوع في الرعونة في مذهب هذه الطائفة إلا ما فيه من فائدة واحدة نطق بها التنزيل والسنة، ودخل في مسالك المحققين. وتلك الفائدة هي كونه يبرّد حرارة الخوف حتى لا يفضي بصاحبه إلى الإياس". ثم ذكر درجاته حسب طريقته (2).

وقال صاحب المجالس: "وأما الرجاء فهو من منازل العوام. وهو انتظار غائب وطلب مفقود، وهو من أضعف منازل القوم في هذا الشأن؟ لأنه معارضة من وجه، واعتراض من وجه آخر. وهو وقوع في الرعونة. ولفائدة واحدة نطق بها التنزيل فقال تعالى: {أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ}

الصفحة

30/ 91

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه الذي نَصَبَ الكائناتِ على ربوبيّته ووحدانيّته حُجَجًا، وحَجَبَ العقولَ والأبصارَ أن تجد إلى تكييفه منهجًا، وأوجب الفوزَ بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادةً لم يبغِ لها عوجًا، وجعل لمن لاذ به واتّقاه مِن كلِّ ضائقةٍ مخرجًا، وأعقبَ مِن ضيقِ الشدائدِ وضَنْكِ الأوابدِ لمن توكَّل عليه فرجًا، وجعل قلوبَ أوليائه متنقلةً في منازل عبوديته من الصبر والتوكّل والإنابة والتفويض والمحبّة والخوف والرَّجا.

فسبحان من أفاض على خلقه النعمة، وكتَب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتابَ الذي كَتَبه أنّ رحمتَه تغلِبُ غضبَه. أسبغ على عباده نِعَمه الفُرادى والتُّؤام. وسخر لهم البرّ والبحر، والشمس والقمر، والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياءَ والظلام. وأرسل إِليهم رُسُله، وأنزل عليهم كُتُبه، يدعوهم إلى جواره في دار السلام. {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام/ 125].

فسبحان من أنْزَلَ على عَبْدِه الكتابَ ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجًا (1). ورفع لمن ائتمَّ به، فَأحلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، في مراقي السعادة درجًا. ووضع مَن (2) أعرض عنه، ولم

الصفحة

5/ 956

مرحباً بك !
مرحبا بك !