
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يريد على العوض من أجر المجاهدة. وقال: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5)}، ووردت به السنة لفائدة واحدة، وهي تبريد حرارة الخوف لئلا يفضي بصاحبه إلى اليأس والقنوط. فهو دواء لمرض الخوف، ولا يعرض ذلك المرض إلّا لعوام هذه الطائفة. . . ".
فالنصان متفقان في الفكر وكثير من الألفاظ والتعبيرات، مع أنه ليس بين أيدينا كتاب علل المقامات للهروي، وإنما نقلنا كلامه من منازل السائرين.
وقد ذكر ابن عبد الهادي أنّ لشيخ الإسلام "قاعدة على كلام ابن العريف في التصوف" (1) ولا نعرف خبرًا عن هذه القاعدة، ولا ندري أتكلم فيها على كتابه محاسن المجالس هذا أم على غيره.
يشتمل كتاب المحاسن على فاتحة، و 13 فصلًا، وخاتمة في أربعين كرامة يكرم اللَّه بها أولياءه في الدنيا والآخرة. والفصل الأول في المعرفة والعلم، ثم عشرة فصول في الإرادة، والزهد، والتوكل، والصبر، والحزن، والخوف، والرجاء، والشكر، والمحبة، والشوق. وجعلها جميعًا من منازل عوام السالكين، وقرّر أنها علل أنِف الخواص منها. ثم عقد الفصل الثاني عشر في منازل الخاصة، وذكر فيه حقيقة زهدهم وتوكلهم وصبرهم. . . " إلى آخر المقامات. والفصل الثالث عشر في النظر إلى اللَّه تعالى.
لم يتعرض ابن القيم للفصلين الأول والثالث عشر ولا للخاتمة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد للَّه الذي نَصَبَ الكائناتِ على ربوبيّته ووحدانيّته حُجَجًا، وحَجَبَ العقولَ والأبصارَ أن تجد إلى تكييفه منهجًا، وأوجب الفوزَ بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادةً لم يبغِ لها عوجًا، وجعل لمن لاذ به واتّقاه مِن كلِّ ضائقةٍ مخرجًا، وأعقبَ مِن ضيقِ الشدائدِ وضَنْكِ الأوابدِ لمن توكَّل عليه فرجًا، وجعل قلوبَ أوليائه متنقلةً في منازل عبوديته من الصبر والتوكّل والإنابة والتفويض والمحبّة والخوف والرَّجا.
فسبحان من أفاض على خلقه النعمة، وكتَب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتابَ الذي كَتَبه أنّ رحمتَه تغلِبُ غضبَه. أسبغ على عباده نِعَمه الفُرادى والتُّؤام. وسخر لهم البرّ والبحر، والشمس والقمر، والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياءَ والظلام. وأرسل إِليهم رُسُله، وأنزل عليهم كُتُبه، يدعوهم إلى جواره في دار السلام. {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام/ 125].
فسبحان من أنْزَلَ على عَبْدِه الكتابَ ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجًا (1). ورفع لمن ائتمَّ به، فَأحلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، في مراقي السعادة درجًا. ووضع مَن (2) أعرض عنه، ولم