
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أبي عبد اللَّه محمد بن فخر الدين لكاتب هذه الأحرف الفقير إلى اللَّه تعالى في الحال والمآل عبد القادر بن محمد بن الحبال. . . ". ولعل على يمين الصفحة قيد وقف النسخة على المدرسة العمرية، ولكن لم يتضح في الصورة. كان المؤلف رحمه اللَّه قد ترك أكثر من النصف الأعلى من ظهر الورقة الأولى فارغًا للمقدمة التي أخّر كتابتها، وبدأ الكتاب بالآية الكريمة: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)} بيّن سبحانه في هذه الآية. . . ". ولكن لما أخذ في تسويد المقدمة رأى أن المساحة المخصصة لها غير كافية، فصغّر الكتابة، وضيّق بين الأسطر، ومع ذلك اضطرّ إلى تكملتها في حواشي الصفحة الأربع، فاستغرقتها ثم تجاوزت إلى حاشية الورقة الثانية. ولما تمّت في أسفلها كتب: "فصل قال تعالى"، ووضع نقاطًا إلى أن كتب في الحاشية اليسرى من الصفحة: "يرجع إلى قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ} وذلك في الصفحة اليمنى". ولما وقف بعض من ملك الكتاب أو اطلع عليه ورأى مقدمة الكتاب على هذا الوجه من التسويد قام بتبييضها في ورقتين (ثلاث صفحات) بعد التصدير الآتي: "بسم اللَّه الرحمن الرحيم. ربّ يسّر وأعن. قال شيخ الإسلام العالم العلامة شيخ الإسلام وقدوة الأنام، أوحد الحفاظ الأعلام، عمدة المفسرين، بقية المجتهدين، كاشف أسرار العلوم، موضح كل مشكل بأعذب نطق مفهوم، شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد بن الشيخ الإمام العالم تقي الدين أبي بكر، ابن قيم الجوزية الحنبلي غفر اللَّه له وأعاد علينا من بركته".
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد للَّه الذي نَصَبَ الكائناتِ على ربوبيّته ووحدانيّته حُجَجًا، وحَجَبَ العقولَ والأبصارَ أن تجد إلى تكييفه منهجًا، وأوجب الفوزَ بالنجاة لمن شهد له بالوحدانية شهادةً لم يبغِ لها عوجًا، وجعل لمن لاذ به واتّقاه مِن كلِّ ضائقةٍ مخرجًا، وأعقبَ مِن ضيقِ الشدائدِ وضَنْكِ الأوابدِ لمن توكَّل عليه فرجًا، وجعل قلوبَ أوليائه متنقلةً في منازل عبوديته من الصبر والتوكّل والإنابة والتفويض والمحبّة والخوف والرَّجا.
فسبحان من أفاض على خلقه النعمة، وكتَب على نفسه الرحمة، وضمّن الكتابَ الذي كَتَبه أنّ رحمتَه تغلِبُ غضبَه. أسبغ على عباده نِعَمه الفُرادى والتُّؤام. وسخر لهم البرّ والبحر، والشمس والقمر، والليل والنهار، والعيون والأنهار، والضياءَ والظلام. وأرسل إِليهم رُسُله، وأنزل عليهم كُتُبه، يدعوهم إلى جواره في دار السلام. {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام/ 125].
فسبحان من أنْزَلَ على عَبْدِه الكتابَ ولَمْ يَجْعَلْ له عِوَجًا (1). ورفع لمن ائتمَّ به، فَأحلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، وعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، في مراقي السعادة درجًا. ووضع مَن (2) أعرض عنه، ولم