[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
ثمَّ لأصحاب هذه الطريق مسلكان:
أحدهما: مسلك التناقض البيّن. وهو إثبات كثير من الصفات، ولا يلتفِت فيها إلى هذا الخيال، بل يثبتها مجرَّدةً عن خصائص المخلوق، كالعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر وغيرها. فإن كان إثبات تلك الصفات التي نفاها يستلزم المحذورَ الذي فرَّ منه، فكيف لم يستلزمه إثباتُ ما أثبته؟ وإن كان إثبات ما أثبته لا يستلزم محذورًا فكيف يستلزمه إثباتُ ما نفاهُ؟ وهل في التناقض أعجب من هذا؟
والمسلك الثاني: مسلك النفي العامّ والتعطيل المحض، هربًا من التناقض، والتزامًا لأعظم الباطل وأمحل المحال (1).
فإذن الحقّ المحض في الإثبات المحض الذي أثبته اللَّه تعالى لنفسه في كلامه وعلى لسان رسوله، من غير تشبيه ولا تمثيل، ومن غير تحريفٍ ولا تبديل. ومنشأ غلط المحرّفين إنَّما هو ظنّهم أنَّ ما يلزم الصفة في المحلّ المعيَّن يلزمها لذاتها، فينفون ذلك اللازم عن اللَّه تعالى، فيضطرّون في نفيه إلى نفي الصفة!
ولا ريبَ أنَّ الأمور ثلاثة: أمرٌ يلزم الصفة لذاتها من حيث هي، فهذا لا يجب بل لا يجوز نفيُه، كما يلزم العلمَ والسمعَ والبصرَ من تعلّقها بمعلوم ومسموع ومبصَر، فلا يجوز نفي هذه التعلّقات عن هذه