
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
{كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} وهو الحجر الأملس. وفيه قولان: أحدهما: أنَّه واحد، والثاني: جمع صفوانة (1). {عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} وهو المطر الشديد {فَتَرَكَهُ صَلْدًا} وهو الأملس الذي لا شيء عليه من نبات ولا غيره.
وهذا من أبلغ الأمثال وأحسنها، فإنَّه تضمّن (2) تشبيه قلب هذا المنفِق للرياء (3) الذي لم يصدر إنفاقُه عن إيمانٍ باللَّه واليوم الآخر بالحجر لشدَّته وصلابته وعدم الانتفاع به. وتضمَّن تشبيه ما علِق به من أثر الصدقة بالغبار الذي علِق بذلك الحجر. والوابل الذي أزال ذلك الترابَ عن الحجر وأذهبه (4) بالمانع الذي أبطل صدقَة هذا (5) وأزالها، كما يُذهب الوابلُ الترابَ الذي على الحجر فيتركه صلدًا؛ فلا يقدر المنفق على شيءٍ من ثوابه لبطلانه وزواله.
وفيه معني آخر، وهو أنَّ المنفِق لغير اللَّه هو في الظاهر عامل عملًا يترتَّب عليه الأجر، ويزكو له كما تزكو الحبَّة التي إذا بُذرت في التراب الطيِّب أنبتت سبعَ سنابل، في كلِّ سنبلة مائة حبَّة. ولكن وراء هذا الإنفاق مانع يمنع من نموّه وزكائه، كما أنَّ تحت التراب حجرًا (6) يمنع من نبات ما يبذَر من الحبّ فيه، فلا يُنبت ولا يُخرج شيئًا.