
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
ولا السُّموم، بل متى وسوس لهم العدو، أو اغتالهم (1) بشيءٍ من كيده، أو مسَّهم بشيء من طيفه {تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (202)} [الأعراف/ 201 - 202].
وإذا واقعوا معصيةً صغيرةً أو كبيرةً عاد (2) ذلك عليهم رحمةً، وانقلب في حقهم دواءً، وبُدِّلَ حسنةً بالتوبة النصوح والحسنات الماحية؛ لأنَّه سبحانه عرَّفهم بنفسه وبفضله، وبأنَّ قلوبهم بيده وعصمتهم إليه، حيث نقض عزماتهم، وقد عزموا أن لا يعصوه، وأراهم عزَّتَه في قضائه، وبرَّه وإحسانه في عفوه ومغفرته، وأشهدهم نفوسهم وما فيها من النقص والظلم والجهل، وأشهدهم حاجَتهم إليه وافتقارَهم وذلَّهم، وأنَّه إن لم يعفُ عنهم ويغفر لهم فليس لهم سبيل إلى النجاة أبدًا.
فإنهم لمَّا أعطوه (3) من أنفسهم العزمَ أن لا يعصوه، وعقدوا عليه قلوبَهم، ثمَّ عصوه بمشيئته وقدرته، عرفوا بذلك عظيمَ اقتداره، وجميلَ ستره إيَّاهم، وكريم حلمه عنهم، وسعة مغفرته لهم، وبردَ عفوه (4) وحنانه وعطفه ورأفته، وأنه حليم ذو أناة لا يعجل، ورحيم سبقت رحمتُه غضبَه، وأنهم متى رجعوا بالتوبة إليه (5) وجدوه غفورًا (6) رحيمًا