[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
بمجامعه، ويجعله عاكفًا على ربِّه -الذي لا إلهَ له غيره (1)، ولا ربَّ له سواه- عكوفَ المحبّ الصادق على محبوبه، الذي لا غنى له عنه، ولا بُدَّ له منه، ولا تندفع ضرورته بغيره أبدًا.
واحتجّوا أيضًا بأنَّ العبدَ قد يكون بعد التوبة خيرًا منه قبل الخطيئة، لأنَّ الذنبَ يُحدِث له من الخوف والخشية، والانكسار والتذلّل للَّه، والتضرّع بين يديه، والبكاءِ على خطيئته، والندم عليها، والأسف والإشفاق (2)، ما هو من أفضل أحوال العبدِ وأنفعها له في دنياه وآخرته. ولم تكن هذه الأمور لتحصل بدون أسبابها، إذ حصول الملزوم بدون لازمه محال. واللَّه تعالى يحبّ من عبده كسرتَه، وتضرّعه، وذلّه بين يديه، واستعطافه، وسؤاله أن يعفو عنه، ويغفر له، ويتجاوز عن جرمه وخطيئته. فإذا قضى عليه بالذنب فترتَّبت عليه هذه الآثار المحبوبة له كان ذلك القضاءُ خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن. ولهذا قال بعض السلف: "لو لم تكن التوبة أحبّ الأشياء إليه لما ابتلى (3) بالذنب أكرمَ الخلق عليه" (4).
وقيل: إنَّ في بعض الآثار يقول اللَّه تعالى لداود: "يا داود كنتَ تدخل عليَّ دخولَ الملوكِ على الملوكِ، واليوم تدخل عليَّ دخولَ العبيد على الملوك" (5). قالوا: وقد قال غير واحدٍ من السلف: كان داود بعد التوبة