[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
عن إيمانهم، وأنَّ نفقتهم ترجع إليهم وافيةً كاملةً، ولا يظلم منها مثقال ذرَّة. وصدَّر هذا الكلام بأنَّ اللَّه سبحانه هو الهادي الموفق لمعاملته وإيثار مرضاته، وأنَّه ليس على رسوله هداهم، بل عليه إبلاغهم، وهو سبحانه (1) الذي يوفّق من يشاء لمرضاته.
ثمَّ ذكر سبحانه المصرف الذي توضع فيه الصدقة، فقال: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة/ 273]، فوصفهم بستّ صفات:
أحدها (2): الفقر.
الثانية: حبسُهم أنفسَهم في سبيله تعالى، وجهادِ أعدائه، ونصرِ دينه. وأصل "الحصر": المنع، فمنعوا أنفسهم من تصرّفها في أشغال الدنيا، وقصَروها على بذلها للَّه وفي سبيله.
الثالثة: عجزهم عن الأسفار للتكسُّب. والضرب في الأرض هو: السفر، قال تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [المزمل/ 20] وقال: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء/ 101].
الرابعة: شدة تعففهم. وهو حسن صبرهم وإظهارهم الغنى حتى يحسبهم الجاهل لحالهم أغنياء (3) من تعففهم، وعدم تعرّضهم،