[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
على عاتقه، ويشمِّر مسافرًا في الطريق، قاطعًا منازلها منزلةً بعد منزلةٍ. فكلَّما قطع مرحلةً استعدَّ لقطع الأُخرى، واستشعر القرب من المنزل، فهان (1) عليه مشقَّةُ السفر. وكلَّما شكت (2) نفسه من كلال السير ومواصلة الشد والرحل وعَدَها قُربَ التلاقي وبردَ العيش عند الوصول، فيحدث لها ذلك نشاطًا وفرحًا وهمَّة. فهو يقول: يا نفس أبشري، فقد قرب المنزل، ودنا التلاقي، فلا تنقطعي في الطريق دون الوصول، فيحال بينك وبين منازل الأحبة، فإن صبرتِ وواصلتِ السُّرى (3) وصلتِ حميدةً مسرورةً جذِلةً، وتلقَّتك الأحبة بأنواع التحف والكرامات. وليس بينك وبين ذلك إلا صبر ساعةٍ، فإنَّ الدنيا كلها كساعة من ساعاتِ الآخرة، وعمرك درجة من درج تلك الساعة، فاللَّه اللَّه لا تنقطعي في المفازة، فهو واللَّه الهلاك والعطب لو كنت تعلمين!
فإن استصعبتْ عليه (4) فليذكِّرها ما أمامها من أحبابها، وما لديهم من الإكرام والإنعام، وما خلفها من أعدائها وما لديهم من الإهانة والعذاب وأنواع البلاءِ. فإنْ رجعت فإلى أعدائها رجوعُها، وإن تقدَّمت فإلى أحبابها مصيرُها، وإن وقفت في طريقها أدركها أعداؤها، فإنَّهم وراءَها في الطلب. فلا بدَّ (5) لها من قسم من هذه الأقسام الثلاثة فلتختر أيها شاءت.