[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (1) [البقرة/ 74]، وبقوله تعالى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} [الكهف/ 77]. وهذه مسألة كبيرة تحتاج إلى كلامٍ لا يليق بهذا الوضع.
والمقصود أنَّ العلم والقدرة المجردين عن الحكمة لا يحصل بهما الكمال والصلاح، وإنَّما يحصل ذلك بالحكمة معهما. واسمه سبحانه "الحكيم" يتضمن حكمته في خلقه وأمره في إرادته الدينية والكونية، وهو حكيم في كلِّ ما خلقه، حكيمٌ في كلِّ ما (2) أمر به.
والنَّاس في هذا المقام أربع طوائف:
الطائفة الأُولى: الجاحدة لقدرته وحكمته، فلا يثبتون له تعالى قدرة ولا حكمة، كما يقوله من ينفي كونه تعالى فاعلًا مختارًا، وأن صدور العالم عنه بالإيجاب الذاتي لا بالقدرة والاختيار. وهؤلاء يثبتون حكمة يسمونها "عناية إلهية". وهم من أشد النَّاس تناقضًا، إذْ لا يُعقَل حكيمٌ لا قدرة له ولا اختيار، وإنَّما يسمون ما في العالم من المصالح والمنافع "عناية إلهية" من غير أن يرجع منها إلى الرب تعالى إرادة ولا حكمة.
وهؤلاءِ كما أنَّهم مكذبون لجميع الرسل والكتب، فهم مخالفون لصريح العقل والفطرة، قد نسبوا الرب تعالى إلى أعظم (3) النقص،