[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وطباعها، وربما كانت طباعُ الحيوانات خيرًا من طباع هؤلاء وأسلمَ وأقبلَ للخير. ولهذا جعلهم سبحانه شرَّ الدواب، فقال: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (22) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (23)} [الأنفال/ 22، 23].
فهل يليق بحكمة العزيز الحكيم أن يجمع بين خير البرية وأزكى الخلق وبين شرِّ البرية وشر الدواب في دار واحدة، يكونون فيها على حالٍ واحدة من النعيم أو العذاب؛ قال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (36)} [القلم/ 35 - 36]. فأنكر عليهم الحكم بهذا، وأخرجه مخرجَ الإنكارِ لا مخرجَ الإخبار، لينبه العقول على أنَّ هذا ممَّا تحيله الفطَر وتأباه العقول السليمة. وقال تعالى: {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (20)} [الحشر/ 20]. وقال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)} [ص/ 28]. وقال تعالى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)} [الزمر/ 9].
بل الواحد من الخلق لا تستوي أعاليه وأسافله، فلا يستوي عقِبُه وعينُه، ولا رأسه ورجلاه، ولا يصلح أحدهما لما يصلح له الآخر. واللَّه (1) عَزَّ وَجَلَّ قد خلق الخبيث والطيب، والسهل والحزن، والضار والنافع. وهذه أجزء الأرض: منها ما يصلح جلاءً للعين، ومنها ما يصلح للأتُّون (2) والنار.
وبهذا ونحوه يُعرَف كمال القدرة وكمال الحكمة. فكمال القدرة