[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
محض التكليف.
وقد تقدَّم قوله تعالى حكاية عنهم: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)} (1) [الجن/ 14 - 15].
وقد صحَّ أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قرأ عليهم القرآن، وأنَّهم سألوه الزاد لهم ولدوابّهم، فجعل لهم كلَّ عظم ذُكِرَ اسمُ اللَّه عليه، وكلُّ بعرة علفٌ لدوابّهم. ونهانا عن الاستنجاء بهما (2).
ولو لم يكن في هذا إلا قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)} [الإسراء/ 15] -وقد أخبر أنَّه يعذّب كفرةَ الجنّ- لكفى به حجةً على أنَّهم مكلَّفون باتباع الرسل.
وممَّا يدلّ على أنَّهم مأمورون منهيُّون بشريعة الإسلام ما تضمّنته سورة الرحمن. فإنَّه سبحانه ذكر خلق النوعين في قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15)}. ثمَّ خاطب النوعين بالخطاب المتضمّن لاستدعاءِ الإيمان منهم، وإنكار تكذيبهم بالآية، وترغيبهم في وعده، وتخويفهم من وعيده، وتهديدهم بقوله: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (31)}، وتخويفهم من عواقب ذنوبهم، وأنَّه لعلمه بها لا يحتاج أن يسألهم عنها سؤال استعلام، بل يعرف