[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فعليك بالفرق بين السائرين إلى عين (1) هذه الحقيقة، والسائرين إلى عين الحقيقة الكونية الحكمية، والسائرين إلى عين الحقيقة المحمَّدية الإبراهيمية الحنيفيّة التي هي حقيقة جميع الأنبياء والمرسلين. وفيها تفاوتت مراتب السالكين ومنازلهم من القرب من ربّ العالمين. قال شيخ هذه الحقيقة (2) لما تحقَّق فناءَ تلك (3) الرسوم وأُفولَها (4) {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)} [الأنعام/ 79]. وهذا التوجّه يتضمَّن محبته دون غيره، وعبادته وطاعته دون غيره. فهذه هي الحقيقة حقًّا، وما سواها باطل حقيقةً.
قال (5) تعالى لأكرم خلقه عليه: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123)} [النحل/ 123] فأمره تعالى أن يقتدي بأبيه إبراهيم في هذه الحقيقة. وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- يعلِّم أصحابه إذا أصبحوا وإذا أمسوا أن يقولوا: "أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبيّنا محمد، وملَّة أبينا إبراهيم حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين" (6).