[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13)]
حققه: محمد أجمل الإصلاحي
خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري
راجعه: سعود بن عبد العزيز العريفي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الأجزاء: 2 (في ترقيم واحد متسلسل)
عدد الصفحات :956
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (13) طريق الهجرتين وباب السعادتين تأليف الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) حققه: محمد أجمل الإصلاحي خرج أحاديثه: زائد بن أحمد النشيري إشراف بكر بن عبد اللَّه أبو زيد دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
في الحبّ. ثمَّ نفى ذلك عن المؤمنين فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة/ 165]، فإنَّ الذين آمنوا أخلصوا حبّهم للَّه لم يشركوا به معه غيره، وأمَّا المشركون فلم يخلصوه للَّه.
والمقصود من الخلق والأمر إنَّما هو هذه المحبّة، وهي أوَّل دعوة الرسل. وآخرُ كلام العبد المؤمن الذي إذا مات عليه دخل الجنَّة اعترافُه وإقرارُه بهذه المحبّة، وإفرادُ الربّ تعالى بها. فهو أول ما يدخل به في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا (1) إلى اللَّه. وجميع الأعمال كالأدوات والآلات لها، وجميع المقامات وسائل إليها، وأسبابٌ لتحصيلها وتكميلها وتحصينها (2) من الشوائب والعلل. فهي قطب رحى السعادة، وروح الإيمان، وساق شجرة الإسلام. ولأجلها أنزل اللَّه الكتاب والحديد: فالكتاب هادٍ إليها، ودالّ عليها، ومفصِّل لها. والحديد لمن خرج عنها، وأشرك فيها مع اللَّه غيره. ولأجلها خلقت الجنة والنار: فالجنة دار أهلها الذين أخلصوها للَّه وحده، فأخلصهم لها؛ والنار دار من أشرك فيها مع اللَّه غيره، وسوَّى بينه وبين اللَّه فيها، كما أخبر تعالى عن أهلها أنَّهم يقولون في النار لآلهتهم: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98)} [الشعراء/ 97 - 98].
وهذه التسوية لم تكن منهم في الأفعال والصفات بحيث اعتقدوا أنَّها مساوية للَّه في أفعاله وصفاته، وإنَّما كانت تسويةً منهم بين اللَّه وبينها في المحبّة والعبودية فقط (3)، مع إقرارهم بالفرق بين اللَّه وبينها، فتصحيح