[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 640[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قال ابن القيم - رحمه الله -: وقد استُشكل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما خرجوا منها أبدًا» (1)، و «لم يزالوا فيها» مع كونهم لو فعلوا ذلك لم يفعلوه إلا ظنًّا منهم أنه من الطاعة الواجبة عليهم، وكانوا متأولين.
والجواب عن هذا: أن دخولهم إياها معصية في نفس الأمر، وكان الواجب عليهم أن لا يبادروا، ويتثبَّتوا حتى يعلموا: هل ذلك طاعةٌ لله ورسوله أم لا؟ فأقدموا على الهجوم والاقتحام من غير تثبت ولا نظر، فكان عقوبتهم أنهم لم يزالوا فيها.
وقوله: «أبدًا» لا يعطي خلودهم في نار جهنم، فإن الإخبار إنما هو عن نار الدنيا (2)، و «الأبد» كثيرًا ما يُراد به أبد الدنيا؛ قال تعالى في حق اليهود: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} [البقرة:95]، وقد أخبر عن الكفار أنهم يتمنون الموت في النار ويسألون ربهم أن يقضي عليهم (3).
وقد جاء في بعض الروايات: أن هذا الرجل كان مازحًا، وكان معروفًا بكثرة المزاح (4)، والمعروف أنهم أغضبوه حتى فعل ذلك.