[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 640[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قال ابن عبد البر (1): لم يبلغ مالكًا حديث أبي أيوب، على أنه حديث مدني، والإحاطة بعلم الخاصة لا سبيل إليه، والذي كرهه مالك قد بينه وأوضحه: خشية أن يضاف إلى فرض رمضان، وأن يسبق ذلك إلى العامة، وكان متحفّظًا كثير الاحتياط للدين. وأما صوم الستة الأيام على طلب الفضل، وعلى التأويل الذي جاء به ثوبان، فإن مالكًا لا يكره ذلك إن شاء الله، لأن الصوم جُنّة وفضله معلوم: يدع طعامه وشرابه لله، وهو عمل برٍّ وخير، وقد قال تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]. ومالك لا يجهل شيئًا من هذا، ولم يكره من ذلك إلا ما خافه على أهل الجهالة والجفاء إذا استمر ذلك، وخشي أن يُعَدَّ من فرائض الصيام مضافًا إلى رمضان.
وما أظن مالكًا جهل الحديث، لأنه حديث مدني انفرد به عمر بن ثابت. وأظن عمر بن ثابت لم يكن عنده ممن يعتمد عليه، وقد ترك مالك الاحتجاج ببعض ما رواه عمر بن ثابت. وقيل: إنه روى عنه، ولو لا علمه به ما أنكر بعض شيوخه إذا لم يثق بحفظه لبعض ما يرويه (2). وقد يمكن أن يكون جهل الحديث، ولو عَلِمه لقال به. هذا كلامه.