[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 640[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
شرعي، فالمجيب به كالمستجير من الرمضاء بالنار! فإنهما لم يفعلا محرَّمًا عندكم ولا مفطِّرًا، بل فعلا ما أباحه لهما الشارع عندكم، فكيف يُغلَّظ (1) عليهما ويُدعَى عليهما؟! ومتى عُهِد في عرف الشارع الدعاء على المكلف بالفطر وفساد العبادة؟! وسائر الوجوه المتقدمة تبطل هذا أيضًا.
وأما جوابكم السابع بأن المراد إبطال أجر صومهما، فكذلك أيضًا، فإنكم لا تبطلون أجرهما بذلك، ولا تحرِّمون الحجامة، ثم لو كان المراد إبطال الأجر لكان ذلك مقرِّرًا لفساد الصوم لا لصحته، فإنه قد أَخبَر عن أمرٍ يتضمن بطلانَ أجرهما لزومًا واستنباطًا، وبطلانَ صومهما صريحًا ونصًّا، فكيف يُعطَّل ما دل عليه صريحُه ويُعتبر ما استُنبِط منه، مع أنه لا منافاة بينه وبين الصريح؟! بل المعنَيان حق، قد بطل صومهما وأجرهما إذا كانت الحجامة لغير مرض.
وأما جوابكم الثامن أن الأحاديث لو قُدِّر تعارضها لكان الأخذ بأحاديث الرخصة أولى لموافقتها القياس، فجوابه:
أولًا: أن الأحاديث ــ بحمد الله ــ ليست متعارضة، وقد بيّنا أنه لا معارِض لأحاديث المنع.
ويقال ثانيًا: لو قُدِّر تعارضها فالأخذ بأحاديث الفطر متعيِّن، لأنها ناقلة عن الأصل، وأحاديث الإباحة موافِقة لما كان الأمر عليه قبل جعلها مُفطِّرةً، والناقل مقدَّم على المُبْقي.