[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 640[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأيضًا: فإن هذا العقد يتضمن إظهار صورة مباحة، وإضمارَ ما هو من أكبر الكبائر، فلا تنقلب الكبيرة مباحةً بإخراجها في صورة البيع الذي لم يُقصَد نقل الملك فيه أصلًا، وإنما قُصِد حقيقة الربا.
وأيضًا: فإن الطريق متى أفضت إلى الحرام، فإن الشريعة لا تأتي بإباحتها أصلًا، لأن إباحتها وتحريمَ الغاية جمعٌ بين النقيضين، فلا يتصور أن تُباح (1) ويُحرَّم ما تُفضِي إليه، بل لا بد من تحريمهما أو إباحتهما، والثاني باطل قطعًا فيتعيّن الأول.
وأيضًا: فإن الشارع إنما حرَّم الربا، وجعله من الكبائر، وتوعَّد آكِلَه بمحاربة الله ورسوله، لما فيه من أعظم الفساد والضرر، فكيف يُتصوَّر مع هذا أن يبيح هذا الفساد العظيم بأيسر شيءٍ يكون من الحِيَل؟! فيالله العجب! أتُرى هذه الحيلة أزالت تلك المفسدة العظيمة، وقلبتها مصلحةً بعد أن كانت مفسدة؟
وأيضًا: فإن الله سبحانه عاقب أهل الجنة الذين أقسموا ليَصرِمُنَّها مُصبِحين (2)، وكان مقصودهم منع حق الفقراء من المتساقط وقت الجِذاذ، فلما قصدوا منع حقهم منعهم الله الثمرة جملة. ولا يقال: فالعقوبة إنما كانت على ترك الاستثناء وحده (3)، لوجهين: