[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 542
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يسلكها بعض المقلدين من الأتباع.
ولو ثبت أن جاحد العارية لا يسمّى سارقًا لكان قطعه بهذا الحديث جاريًا على وَفْق القياس، فإن ضرره مثل ضرر السارق أو أكثر، إذ يمكن الاحتراز من السارق بالإحراز والحفظ.
وأما العارية فالحاجة الشديدة التي تبلغ الضرورةَ ماسَّةٌ إليها، وحاجة الناس فيما بينهم إليها من أشد الحاجات، ولهذا ذهب مَن ذهب [مِن] العلماء إلى وجوبها، وهو مذهب كثير من الصحابة والتابعين (1)، وأحد القولين في مذهب أحمد (2). فترتيب القطع على جاحدها طريق إلى حفظ أموال الناس، وتركِ باب هذا المعروف مفتوحًا.
وأما إذا علم أن الجاحد لا يقطع فإنه يُفضي إلى سدّ باب العارية في الغالب.
وسر المسألة أن السارق إنما قطع دون المنتهب والمختلس لأنه لا يمكن التحرّز منه، بخلاف المنتهب والمختلس، فإنه إنما يفعل ذلك عند عدم احتراز المالك. وقد ذكرنا أن العارية فيما بين الناس أمر تدعو إليه الحاجة، فلا يمكن سده والاحتراز منه، فكان قطع اليد في جنايته كقطعها في جناية السرقة، وبالله التوفيق.