[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 542
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقد أشكل هذا على طائفة، وقالوا: قد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في تحيّة الموتى: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين» فقدم السلام على المسلَّم عليه، ثم قالوا: وهذا أصح من حديث أبي جُريّ هذا، فالأخذ به أولى.
وهذا ليس بشيء، ولا تعارض بين الحديثين، [فإن] (1) قوله - صلى الله عليه وسلم -: «عليك السلام تحية الموتى» إخبار عن الواقع مقرونًا بالنهي عنه، وليس إخبارًا عن المشروع، [فإنهم كانوا في] عادة الجاهلية في تحية الأموات يقدمون اسم الميت على الدعاء، كقول قائلهم (2):
عليك سلامُ الله قيسُ بنَ عاصمٍ ... ورحمتُه ما شاء أن يترحَّما
والسنة في السلام تقديم التحية على المدعو له في الأحياء والأموات فيقال: السلام عليكم للميت، كما يقال للحي: سلام عليكم، وكما لا يقال في سلام الأحياء: عليكم السلام، فكذلك لا يقال في سلام الأموات.
وكأن الذي تخيّله القوم من الفرق أن المسلِّم على [المرء] لمَّا كان يتوقع الجواب و [أن] يقال له: عليك السلام بدأوا باسم السلام على المدعو له توقعًا لقوله: وعليك السلام. وأما الميت فلما لم يتوقعوا منه ذلك قدّموا المدعو له على الدعاء فقالوا: عليك السلام (3).