
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 542
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وسياقه أيضًا يدل على أنها هي المراد، لإخباره بأن الأبوين هما اللذان يغيّرانها، ولو كانت الفطرة هي فطرة الشقاوة والسعادة في قوله (1): «على هذه الفطرة» لكان الأبوان مقرِّرَين (2) لها.
ولأن قراءةَ قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم: 30] عقب الحديثِ (3) صريحٌ في أن المراد بها فطرةُ الإسلام.
ولأن تشبيهَ المولود في ولادته عليها بالبهيمة الجمعاء ــ وهي الكاملة الخلق ــ، ثم تشبيهَه إذا خرج عنها بالبهيمة التي جَدَعها أهلُها فقطعوا آذانها (4) = دليل على أن الفطرة هي الفطرة المستقيمة السليمة، وما يطرأ على المولود من التهويد والتنصير بمنزلة الجدع والتغيير في ولد البهيمة.
ولأن الفطرة حيث جاءت مطلقةً معرَّفة باللام لا يراد بها إلا فطرة التوحيد والإسلام، وهي الفطرة الممدوحة، ولهذا جاء في حديث الإسراء لمّا أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - اللبن قيل له: «أصبتَ الفطرة» (5)، ولمّا سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤذن يقول: الله أكبر الله أكبر، قال: «على الفطرة» (6). وحيث جاءت