[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29)]
جـ 1: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ 2، 3: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 542
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأما حديث أبي سعيد الخدري: أن قتيلًا وُجِد بين حيَّين فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقاس إلى أيهما أقرب، فوُجِد أقرب إلى أحد الحيين بشِبْر، فألقى ديته عليهم؛ فرواه أحمد في «مسنده» (1)، وهو من رواية أبي إسرائيل الملائي عن عطية العَوفي، وكلاهما فيه ضعف. ومع هذا فليس فيه ما يضاد حديث القسامة. وقد ذهب إليه أحمد في رواية، حكاه [المرّوذي] في «كتاب الورع» (2) عنه.
وأما حديث ابن عباس: «لو يُعطى الناس بدعواهم لادَّعَى رجال دماء رجالٍ وأموالَهم، ولكن اليمين على المُدَّعى عليه» (3)، فهذا إنما يدل على أنه لا يُعطَى أحد بمجرد دعواه دمَ رجل ولا ماله، وأما في القسامة فلم يُعطَ الأولياء فيها بمجرد دعواهم بل بالبينة، وهي ظهور اللَّوث وأيمانُ خمسين، لا بمجرد الدعوى؛ وظهورُ اللَّوث وحلف خمسين بينةٌ بمنزلة الشهادة أو أقوى.
وقاعدة الشرع: أن اليمين تكون في جَنْبةِ أقوى المتداعِيَين، ولهذا يُقضَى للمدَّعِي بيمينه إذا نكل المدعى عليه، كما حكم به الصحابة لقوة جَنْبَتِه بنكول الخصم المدعى عليه، ولهذا يحكم له بيمينه إذا أقام شاهدًا واحدًا