[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٩)]
جـ ١: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ ٢، ٣: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 588
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
لا يمكن إفرادها. وهذه الأبواب هي التي لم ينقلها المجرّد، كما أشار إلى ذلك في آخر الكتاب بقوله: «ولستُ أدَّعي الإحاطةَ بجميع ما كتبه، بل الغالب والأكثر. وقد سقط منه القليل جدًّا لتعذُّر كتابته، فعساه زاد لفظةً أو لفَظاتٍ في أثناء كلام، فلم يمكنِّي إفرادُها لاتصالها بكلام كثير للمنذري، ولم يمكن كتْب ذلك الكلام الذي للحافظ المنذري كله، فحذفت الزيادة قصدًا لذلك». أما زيادات المؤلف فهي على أنحاء كما سبق في كلامه الآنف الذكر، فمنها: - أن يكون المنذري نقل طرفًا من كلام الترمذي أو النسائي أو غيرهما من الأئمة في علّة الحديث، فيكمل المؤلف النقل عنهم. - أن يزيد نُقولًا أخرى عن أئمة الحديث. وفي الغالب يعتمد في ذلك على «معرفة السنن والآثار» و «السنن الكبرى» للبيهقي، و «المحلى» لابن حزم، و «الأحكام الوسطى» للإشبيلي، و «بيان الوهم والإيهام» لابن القطّان. ورُبّما أفاض في شرح العلل ومناقشتها. - أن يزيد أحاديث أخرى وردت في الباب لم يذكرها أبو داود. وقد يكون ما ذكره أبو داود فيه ضعف، وفي الباب أصح منه كأحاديث «الصحيحين» فيسوقها المؤلف. انظر على سبيل المثال: باب تخليل اللحية، باب سكنى الشام، باب كراهية اتخاذ القبور مساجد، باب في أكل لحوم الحمر الأهلية، باب ذكر الفتن ودلائلها، باب في قتال الخوارج، باب إخبار الرجل بمحبته. - إذا كان الحديث في «الصحيحين»، ولا سيما في «صحيح مسلم»، يعتني المؤلف بإيراد ألفاظ رواياتهما.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا}
قال الشيخ الإمام العلامة شمس الدين محمد ابن قيِّم الجوزية الحنبلي غفر الله له:
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ربّ العالمين وإله المرسلين.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، المبعوثُ رحمةً للعالمين، ومحجَّةً للسالكين، وحُجةً على جميع المكلّفين. فرَّق الله برسالته بين الهدى والضلال، والغي والرشاد، والشك واليقين، فهو الميزان الراجح الذي على أقواله وأعماله وأخلاقه تُوزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعته والاقتداء به يتميّز أهلُ الهدى من أهل الضلال.
أرسله على حين فترةٍ من الرسل، فهدى به إلى أقْوَم الطرُق وأوضح السُّبُل، وافترض على العباد طاعتَه ومحبَّتَه وتعزيرَه وتوقيرَه والقيامَ بحقوقه، وأغلق دون جنته الأبوابَ، وسدَّ إليها الطرقَ فلم يفتح لأحدٍ (1) إلا من طريقه، فيشرح (2) له صدرَه، ورفعَ له ذكرَه، ووضع عنه وزرَه، وجعل الذلَّةَ والصَّغَار على من خالف أمرَه.