[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٢٩)]
جـ ١: تحقيق (علي بن محمد العمران)، راجعه (جديع بن جديع الجديع - عبد الرحمن بن صالح السديس)
جـ ٢، ٣: تحقيق (نبيل بن نصار السندي)، راجعه (محمد أجمل الإصلاحي - عمر بن سَعدِي)
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، ١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 588
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (29) تهذيب سنن أبي داود وإيضاح علله ومشكلاته تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ) دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الحديث: "فإنّ عامّة الوَسْواس منه" (1). حتى (2) لو كان المكان مبلّطًا لا تستقر فيه البولة, بل تذهب مع الماء، لم يكره ذلك عند جمهور الفقهاء.
ونظيرُ هذا: منع البائل أن يستجمر أو يستنجي موضع بوله, لما يفضي إليه من التلوث بالبول.
ولم يُرِد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بنهيه الإخبارَ عن نجاسة الماء الدائم بالبول, فلا يجوز تعليل كلامه بعلة عامة تتناول ما لم ينه عنه.
والذي يدلّ على ذلك: أنه قيل له في بئر بُضاعة: أنتوضأ منها وهي بئر يُلقى فيها الحِيَض ولحوم الكلاب وعَذِر الناس؟ فقال: "الماء طهور لا ينجّسه شيء" (3). فهذا نصّ صحيح صريح على أن الماء لا يَنجُس بملاقاة النجاسة, مع كونه واقفًا, فإن بئر بُضاعة كانت واقفة, ولم يكن على عهده بالمدينة ماء جارٍ أصلًا. فلا يجوز تحريم ما أباحه وفَعَله قياسًا على ما نَهى عنه, ويُعارَضَ أحدهما بالآخر, بل يستعمل هذا وهذا؛ هذا (4) في موضعه, وهذا في موضعه. ولا تُضرب سنةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضها ببعض.
فوضوؤه من بئر بضاعة ــ وحالُها ما ذكروه له ــ دليلٌ على أن الماء لا يتنجَّس بوقوع النجاسة فيه ما لم يتغيَّر. ونهيُه عن الغسل في الماء الدائم بعد