
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22)]
المحقق: عثمان بن جمعة ضميرية
راجعه: خلدون بن محمد الأحدب - محمد أجمل الإصلاحي - سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 562
وهذه المساواة لا تغفل عوامل الذكاء والاستعدادات والملكات الفطرية، واختلاف القدرات العامة والخاصة وأثر ذلك كله في النشاط العام وترقية الحياة.
ز ـ الدعوة إلى العمل: إن القرآن الكريم يدعو إلى العمل الذي يجلب الخير للناس، ويؤدي إلى زيادة وتنمية الحصيلة الإنتاجية للأفراد والجماعات، ولذلك يجب أن توجه العناية إلى تدريب القوى البشرية للارتفاع بمستوى الحياة من جميع نواحيها. قال الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة:10].
ح ـ الدعوة إلى العلم: وليست الدعوة إلى العلم مقصورة على العلم الديني فحسب، ولكنها تتناول جميع العلوم والمعارف التي تساعد على النهوض بمستوى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، وبذلك فتح الإسلام آفاقًا رحيبة أمام العقل الإنساني ودعاه إلى الفكر والنظر. والآيات والأحاديث في العلم و فضله والحث عليه، وفي النظر والفكر والتفكر والمطالبة بالدليل، كثيرة تعزُّ على الحصر، كقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبهِ نستعينُ (1) الحمدُ للهِ العليِّ العظيمِ، الحليمِ الكريمِ، الغفورِ الرَّحيمِ (2).
الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، الرَّحمنِ الرَّحيمِ، مَالكِ يومِ الدِّينِ (3)، بدأ (4) خلْقَ الإنسانِ من سُلالةٍ مِنْ طينٍ، ثمَّ جعلَه نُطْفَةً في قَرارٍ مَكينٍ، ثم خلَق النُّطفةَ عَلَقةً سوداءَ (5) للنَّاظرينَ، ثم خلَق العَلَقةَ مُضْغَةً ـ وهي قطعةُ لحمٍ بقدر أُكْلَةِ الماضِغِينَ ـ ثم خلقَ المُضْغةَ عظامًا مختلفةَ الأشكالِ (6) أساسًا (7) يقومُ عليه هذا البناءُ المتينُ (8)، ثم كَسَا العظامَ