
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22)]
المحقق: عثمان بن جمعة ضميرية
راجعه: خلدون بن محمد الأحدب - محمد أجمل الإصلاحي - سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 562
جـ ـ بناء الشخصية السويَّة: ومنهج الإسلام في بناء شخصية المسلم، يجعلها شخصية سوية، تتمتع بكل مظاهر الصحة النفسية وأركانها. فالإسلام إذا خالطت بشاشته القلوب: يشيع فيها الطمأنينة والثبات و الاتزان الانفعالي والعاطفي والعقلي، ويقيها من القلق و الخوف و الاضطرابات. كما يُعنى الإسلام بغرس أركان الصحة النفسية في المسلم منذ المراحل الأولى لحياته، ويوجهه إلى المرونة في مواجهة الواقع، والصبر عند البلاء، ويحثه على التعاون مع جماعة، المسلمين، ويحثه على القناعة والرضا والتفاؤل.
د ـ الإقناع وحرية الفكر: يدعو الإسلام إلى توليد الرغبة والدافع، وتحري الإقناع، والحلم وسعة الصدر، وترك المجاهرة بالتوبيخ؛ ولذلك أمر أن تكون الدعوة بالحسنى والرفق، فقال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125].
كما احترم الإسلام الفكر وأعطاه الحرية في العمل، ولكنه أحاطه بضوابط كثيرة لئلا يضلّ، ومن هنا كانت حرية العقيدة، بمعنى عدم الإكراه على الدين بالنسبة لأهل الكتاب من اليهود و النصارى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبهِ نستعينُ (1) الحمدُ للهِ العليِّ العظيمِ، الحليمِ الكريمِ، الغفورِ الرَّحيمِ (2).
الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، الرَّحمنِ الرَّحيمِ، مَالكِ يومِ الدِّينِ (3)، بدأ (4) خلْقَ الإنسانِ من سُلالةٍ مِنْ طينٍ، ثمَّ جعلَه نُطْفَةً في قَرارٍ مَكينٍ، ثم خلَق النُّطفةَ عَلَقةً سوداءَ (5) للنَّاظرينَ، ثم خلَق العَلَقةَ مُضْغَةً ـ وهي قطعةُ لحمٍ بقدر أُكْلَةِ الماضِغِينَ ـ ثم خلقَ المُضْغةَ عظامًا مختلفةَ الأشكالِ (6) أساسًا (7) يقومُ عليه هذا البناءُ المتينُ (8)، ثم كَسَا العظامَ