
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22)]
المحقق: عثمان بن جمعة ضميرية
راجعه: خلدون بن محمد الأحدب - محمد أجمل الإصلاحي - سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 562
أهم عوامل التربية على الإطلاق، وترجح على بقية العوامل الأخرى مجتمعة (1).
تأثير الأسرة في العوامل التربوية: والأسرة تؤثر في العملية التربوية من ناحيتين اثنتين: (الأولى) تأثيرها في عوامل التربية الأخرى، فإن للمنزل آثارًا بليغة في مختلف عوامل التربية الأخرى المقصودة وغير المقصودة.
و (الثانية) آثارها التربوية الخاصة بها. فالطفل الإنساني هو أطول الأحياء طفولة، ومن ثم كانت حاجته لملازمة أبويه أشدَّ من حاجة أي طفل لحيوان أخر, وكانت الأسرة المستقرة الهادئة ألزم للنظام الإنساني وألصق بفطرة الإنسان وتكوينه ودوره في هذه الحياة، وعلى المنزل يقع قسط كبير من واجب التربية الخُلُقية والوجدانية والدينية في جميع مراحل الطفولة, بل في المراحل التالية لها كذلك؛ ففي المنزل تشيد أسس العقيدة و العبادة والأخلاق, فإن كان الأساس متينًا كان البناء قويًا متينًا، وإلا انهار البناء.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبهِ نستعينُ (1) الحمدُ للهِ العليِّ العظيمِ، الحليمِ الكريمِ، الغفورِ الرَّحيمِ (2).
الحمدُ لله ربِّ العالمينَ، الرَّحمنِ الرَّحيمِ، مَالكِ يومِ الدِّينِ (3)، بدأ (4) خلْقَ الإنسانِ من سُلالةٍ مِنْ طينٍ، ثمَّ جعلَه نُطْفَةً في قَرارٍ مَكينٍ، ثم خلَق النُّطفةَ عَلَقةً سوداءَ (5) للنَّاظرينَ، ثم خلَق العَلَقةَ مُضْغَةً ـ وهي قطعةُ لحمٍ بقدر أُكْلَةِ الماضِغِينَ ـ ثم خلقَ المُضْغةَ عظامًا مختلفةَ الأشكالِ (6) أساسًا (7) يقومُ عليه هذا البناءُ المتينُ (8)، ثم كَسَا العظامَ