[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22)]
المحقق: عثمان بن جمعة ضميرية
راجعه: خلدون بن محمد الأحدب - محمد أجمل الإصلاحي - سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 562
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22) تحفة المودود بأحكام المولود تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عثمان بن جمعة ضميرية وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
عَسُرَ عليه مفارقتُه في الكبر وعزَّ على وليِّه استنقاذُه منه، فتغيير العوائد من أصعب الأمور، يحتاج صاحبُه إلى اسْتِجْدَادِ طبيعة ثانية. والخروجُ عن حكم الطبيعة عَسِرٌ جدًّا.
وينبغي لوليه أن يجنِّبه الأخذ من غيره غاية التجنب؛ فإنه متى اعتاد الأخذ صار له طبيعة، ونشأ بأن يأخذ لا بأن يُعطي. ويعوِّده البذل والإعطاء، وإذا أراد الولي أن يعطي شيئًا أعطاه إيَّاه على يده ليذوق حلاوة الإعطاء، ويجنِّبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبه السم الناقع، فإنه متى سهَّل له سبيل الكذب والخيانة أفْسَدَ عليه سعادة الدنيا والآخرة وحَرَمَه كلَّ خيرٍ.
ويجنِّبه الكسل والبطالة والدعة والراحة، بل يأخذه بأضدادها، ولا يريحه إلا بما يُجِمُّ نَفْسَه وبَدَنَهُ للشُّغل، فإنَّ للكسل والبطالة عواقب سُوءٍ، ومغبَّة ندمٍ، وللجدِّ والتَّعبِ عواقبُ حميدةٌ، إما في الدنيا، وإما في العُقْبَى، وإما فيهما، فأرْوَح (1) النَّاس أتعبُ الناس، وأتعب الناس أروح الناس؛ فالسيادة في الدنيا والسعادة في العُقْبَى لا يُوصَل إليها إلا على جسر من التعب. قال يحيى بن أبي كثير (2): لا يُنال العلم براحة الجسم (3).