
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22)]
المحقق: عثمان بن جمعة ضميرية
راجعه: خلدون بن محمد الأحدب - محمد أجمل الإصلاحي - سليمان بن عبد الله العمير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 562
آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (22) تحفة المودود بأحكام المولود تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751) تحقيق عثمان بن جمعة ضميرية وفق المنهج المعتمد من الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وبذلك أجرى اللهُ العادةَ في إيجادِ ما يُوجِدُهُ من بين أَصْلَيْنِ، كالحيوان والنبات وغيرهما من المخلوقات. فالحيوان ينعقد من ماء الذكر وماء الأنثى، كما ينعقد النبات من الماء والتراب والهواء، ولهذا قال الله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام/ 101]. فإنَّ الولد لا يتكوَّن إلا من بين الذَّكَرِ وصاحبتِه. ولا ينتقض هذا بآدم وحواء ـ أبَوَيْنَا ـ ولا بالمسيح، فإنَّ الله ـ سبحانه ـ مَزَجَ ترابَ آدم بالماءِ حتى صار طينًا، ثم أرسل عليه الهواء والشَّمسَ حتى صار كالفخَّار، ثم نفخَ فيه الرُّوحَ، وكانت حواء مستلَّةً منه، وجزءًا من أجزائِه، والمسيحُ خُلِقَ من ماءِ مريمَ ونفخةِ الملك، وكانت النفخةُ له كالأبِ لغيرهِ.
فصل
(الأمر الثاني): أنَّ سَبْقَ أحدِ المائين سببٌ لشَبَهِ السابق ماؤه، وعلوَّ أَحدِهما سببٌ لمجانسة الولد للعالي ماؤه (1).
فها هنا أمران: سَبْقٌ وعُلُوٌّ، وقد يتفقان، وقد يفترقان؛ فإن سبقَ ماءُ الرجل ماءَ المرأة وعلاه، كان الولدُ ذكرًا والشَّبَهُ للرجل، وإن سبقَ ماءُ المرأة وعلا ماءَ الرجل كانت أنثى والشَّبَهُ للأم، وإن سبقَ أحدهما وعلا الآخرُ كان الشَّبَهُ للسّابق ماؤه، والإذكارُ والإيناثُ لمَنْ عَلا ماؤه.