
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وهي وحدها لا تحصّلها، فلا تحصل إلا بشخص آخر كالأبوين، فيكون الإسلام والتهويد والتنصير والتَّمْجِيس.
ومعلوم أن هذه أنواعٌ بعضها أبعد عن الفطرة من بعض، كالتَّمْجِيس، فإن لم تكن الفطرة مقتضية للإسلام صار نسبتها إلى ذلك كنسبة التهويد والتنصير إلى التَّمْجِيس، فوجب أن يذكر كما ذكر ذلك.
ويكون هذا ككون (1) الفطرة لا تقتضي الرضاع إلا بسبب منفصل، وليس كذلك، بل الطفل يختار مصّ اللبن بنفسه، فإذا مُكِّن من الثدي وجدت الرضاعة لا محالة، فارتضاعه ضروري إذا لم يوجد معارض، وهو مولود على أن يرضع، فكذلك هو مولود على أن يعرف الله، والمعرفة ضرورية لا محالة إذا لم يوجد معارض.
وأيضًا فإن حُبَّ النفس لله وخضوعها له وإخلاصها له، مع الكفر به والشرك والإعراض عنه ونسيان ذكره: إما أن يكون نسبتهما إلى الفطرة سواء، أو الفطرة مقتضية للأول دون الثاني؟
فإن كانا سواء لزم انتفاء المدح كما تقدم، ولم (2) يكن فرق بين دعائها إلى الكفر ودعائها إلى الإيمان، ويكون تَمْجِيسها كتحنيفها، وقد عُرِف بطلان هذا.
وإن كان فيها مقتضٍ لهذا: فإما أن يكون المقتضِي مستلزمًا لمقتضاه عند عدم المعارض، وإما أن يكون متوقّفًا على شخص خارج عنها. فإن كان