
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وكذلك نقل حنبل عنه، قال: الفطرة التي فطر الله عليها العباد من الشقاوة والسعادة (1).
قال: وهذا كله يدل من كلامه على أن المراد بالفطرة ههنا ابتداء خلقه في بطن أمه.
قال شيخنا أبو العباس ابن تيمية (2): أحمد لم يذكر العهد الأول، وإنما قال: الفطرة الأولى التي فُطِر الناس عليها، وهي الدين. وقال في غير موضع: إن الكافر إذا مات أبواه أو أحدهما حُكِم بإسلامه. واستدلَّ بهذا الحديث، فدلّ على أنه فسَّرَ الحديث بأنه يولد على فطرة الإسلام، كما جاء ذلك مصرَّحًا به في الحديث، ولو لم تكن الفطرة عنده الإسلام لما صحّ استدلاله بالحديث.
وقوله في موضع آخر: يولد على ما فُطِر عليه من شقاوة وسعادة، لا ينافي ذلك؛ فإن الله سبحانه قدّر السعادة والشقاوة وكتبهما، وقدّر أنها تكون بالأسباب التي تحصل بها، كفعل الأبوين.
فتهويد الأبوين وتنصيرهما وتمجيسهما هو مما قدره الله أنه يُفْعَل بالمولود، والمولود وُلِد على الفطرة سليمًا، ووُلِد على أن هذه الفطرة السليمة يغيّرها الأبوان، كما قَدَّر سبحانه ذلك وكتبه.
كما مثّل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بقوله: «كما تُنْتَج البهيمة جَمْعاء، هل تحسّون فيها من جَدْعاء؟»، فبيّن أن البهيمة تولد سليمة ثم يجدعها الناس، وذلك