
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بالذكر ويقضي لهم بالخلود (1)،كقوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23]، وقوله: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 14].
ولكن مجرد ذكر الخلود والتأبيد لا يقتضي عدم النهاية، بل الخلود هو المكث الطويل، كقولهم: «قَيْد مُخَلّد» و «تأبيد كل شيء بحسبه»، فقد يكون التأبيد لمدة الحياة، وقد يكون لمدة الدنيا، قال تعالى عن اليهود: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} [البقرة: 95]، ومعلوم أنهم يتمنّونه في النار حيث يقولون: {يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77].
وإنما استفيد عدم انتهاء نعيم الجنة بقوله تعالى: {(53) إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ} [ص: 54]، وقوله: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108]، وقوله: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [الإنشقاق: 25]، أي غير مقطوع (2)، ومَن قال: لا يُمَنُّ به عليهم، فقد أخطأ أقبح الخطأ. ولم يجئ مثل ذلك في عذاب أهل النار.
وقوله عز وجل: {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 167]، {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 48]، وقوله تعالى: {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [فاطر: 36]، وقوله تعالى: {أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ} [السجدة: 30] في موضعين من القرآن، وقوله: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56] غير مصروف عن ظاهره وحقيقته على الصحيح.