
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الجواب الخامس: أن الله سبحانه ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فله في جميع ما ذكرتم وغيره حكمة ليست من جنس الحكمة التي للمخلوقين، كما أن فعله ليس مماثلًا لفعلهم، ولا قدرته وإرادته ومشيئته ومحبته ورضاه وغضبه مماثلًا لصفات المخلوقين. الجواب السادس: أن الحكمة تابعة للعلم والقدرة، فمن كان أعلم وأقدر كانت أفعاله أحكم وأكمل، والربُّ تعالى منفرد بكمال العلم والقدرة، فحكمته بحسب علمه وقدرته، كما تقدم تقريره، فحكمته متعلقة بكل ما تعلق به علمه وقدرته. الجواب السابع: أن الأدلة القاطعة قد قامت على أنه حكيم في أفعاله وأحكامه، فيجب القول بموجِبها، وعدم العلم بحكمته في الصور المذكورة لا يكون مسوّغًا لمخالفة تلك الأدلة القاطعة، لاسيما وعدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه. الجواب الثامن: أن كماله المقدس يمنع خلو هذه الصور ــ التي نقضتم بها ــ عن الحكمة، وكماله أيضًا يأبى اطّلاع خلقه على جميع حكمته، فحكمته تمنع اطّلاع خلقه على جميع حكمته، بل الواحد منا لو أَطْلع غيرَه على جميع شأنه وأمْره عُدّ سفيهًا جاهلًا، وشأن الربّ تعالى أعظم من أن يُطْلِع كل واحد من خلقه على تفاصيل حكمته. الجواب التاسع: أنكم إما أن تعترفوا بأن له حكمة في شيء من خلقه وأمره، أو تنكروا أن يكون له في شيء من خلقه وأمره حكمة، فإن أنكرتم ذلك ــ وما هو من الظالمين ببعيد ــ كذّبتم جميع كتب الله ورسله والعقل والفطرة والحس، وكذّبتم عقولكم قبل تكذيب العقلاء لكم؛ فإنّ جَحْد