
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
التشبيه في أصل العقوبة الدنيوية وقدرها، فإنها لا تختلف بقلة القتل وكثرته، كما لو شرب قطرة، فإنّ حَدّه حَدّ من شرب راوية، ومن زنى بامرأة واحدة حَدّه حَدّ من زنى بألف، وهذا تأويل الحسن وابن زيد، قالا: «يجب عليه من القصاص بقتلها مثل الذي يجب عليه لو قتل الناس جميعًا» (1).
ولك أن تجعل التشبيه في الأذى والغم الواصل إلى المؤمنين بقتل الواحد منهم، فقد جعلهم كلهم خصماءه، وأوصل إليهم من الأذى والغم ما يشبه القتل (2)، وهذا تأويل ابن الأنباري، وفي الآية تأويلات أخر (3).
فصل
النوع السابع: التعليل بلعل، وهي في كلام الله سبحانه للتعليل مجردة من معنى الترجّي، فإنها إنما يقارنها معنى الترجّي إذا كانت من المخلوق، وأما في حق من لا يصح عليه الترجّي فهي للتعليل المحض، كقوله: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21]، فقيل هو تعليل لقوله: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} وقيل تعليل لقوله: {خَلَقَكُمْ}، والصواب أنه تعليل للأمرين: لشرعه وخلقه.
ومنه قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]، وقوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2]، وقوله: {تَذَكَّرُونَ تَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 57]،