
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قال: ولا يُدعى الحبلُ سببًا حتى يُصعَد به ويُنزَل (1)، ثم قيل لكل شيء وصلت به إلى موضع أو حاجة تريدها: سبب، يقال: ما بيني وبين فلان سبب، أي: آصرة رحم أو عاطفة مودة.
وقد سمَّى تعالى وَصْل الناس بينهم أسبابًا، وهي التي يتسببون بها إلى قضاء حوائجهم (2) بعضهم من بعض، قال تعالى: {إِذ تَّبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة: 166]، يعني: الوُصلات التي كانت بينهم في الدنيا.
قال ابن عباس وأصحابه: «يعني أسباب المودة والوُصلات التي كانت بينهم في الدنيا» (3).
وقال ابن زيد: «هي الأعمال التي كانوا يؤمّلون أن يصلوا بها إلى ثواب الله».
وقيل: هي الأرحام التي كانوا يتعاطفون بها (4).
وبالجملة فسمى الله سبحانه ذلك كله أسبابًا؛ لأنها كانت يُتَوصَّل بها إلى مسبَّباتها، وهذا كله عند نفاة الأسباب مجاز لا حقيقة له، وبالله التوفيق.