
[آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (32)]
تحقيق: زاهر بن سالم بَلفقيه
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - أحمد حاج عثمان
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 468
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
[الأنعام: 149] يعني يوم أخذ الميثاق السدي عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما." data-margin="1">(1).
قال شيخنا: ومثل (2) هذا الأثر لا يوثق به؛ فإن في «تفسير السُّدِّي» أشياء قد عُرِف بطلان بعضها، وهو ثقة في نفسه، وأحسن أحوال هذا وأمثاله أن يكون كالمراسيل إن كان مأخوذًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف إذا كان مأخوذًا عن أهل الكتاب؟!
ولو لم يكن في هذا إلا معارضة لسائر الآثار التي تتضمن التسوية بين جميع الناس في الإقرار (3).
وأما قوله: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران: 83]، فإنما هو في الإسلام الموجود منهم بعد خلقهم؛ لم يقل: إنهم حين العهد الأول أسلموا طوعًا وكرهًا.
يدل على ذلك أنّ ذلك الإقرار الأول جعله الله حجة عليهم عند مَن يثبته، ولو كان فيهم كاره لقال: لم أقرّ طوعًا بل كرهًا. فلا تقوم به عليه حجة.
وأما احتجاج [إسحاق] رحمه [الله] (4) بقول أبي هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: 30]؛ فهذه الآية فيها قولان:
أحدهما: أن معناها النهي، كما تقدم عن ابن جرير أنه فسّرها